بئس الطعام الحرام. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)        ارض من الناس بما ترضاه لهم من نفسك. ( نهج البلاغة ٣: ٤٦)      أكبر العيب ما تعيب ما فيك مثله. ( نهج البلاغة ٤: ٨٢ )       كفى بالقناعة ملكاً وبحسن الخلق نعيماً/ نهج البلاغة ٤: ٥١.      من دخل مداخل السوء اتّهم. ( نهج البلاغة ٤: ٨١ )      
الدروس > بحث خارج > فقه > أحكام البنوك الصفحة

حكم مجهول المالك
بسم الله الرحمن الرحيم
للبنوك أعمال متعددة وخدمات كثيرة نحاول هنا الإشارة إلى بعضها إن شاء الله تعالى.
وقبل هذا تجدر الإشارة إلى بعض المقدّمات التي لا تخلو من ارتباط بالموضوع، ونذكر تلك المقدّمات تحت عنوان نقاط بالشكل التالي:

النقطة الأُولى: حكم مجهول المالك
ذهب غير واحد من الأعلام إلى أنّ أموال البنوك والدولة ينطبق عليها عنوان المال المجهول مالكه. ومن هنا يكون من المناسب التعرف على بعض أحكام العنوان المذكور.
وقد تعرّض الشيخ الأعظم ـ قدّس سره ـ إلى ذلك عند بحثه عن جوائز السلطان(١).
وفي البداية لابدّ من التفرقة بين عنوان (اللقطة)(٢) وعنوان (مجهول المالك).
والأول عبارة عن المال الضائع الذي لا يُعرف مالكه.
والثاني عبارة عن المال الذي لا يُعرف صاحبه من دون تقييد بالضياع.
ومن هنا قال في (الجواهر): (الفرق بين موضوعَي مجهول المالك واللُقطة هو اعتبار صدق اسم الضياع من المالك في الثاني دون الأول)(٣).
وعلى هذا تكون النسبة بين العنوانين هي العموم والخصوص المطلق، فإنّ كلّ لُقطة هي من مصاديق مجهول المالك، بخلاف العكس. فمثلاً: مَن ترك ماله عند شخص وسافر ولم يعرف له خبراً حتى يوصل المال إليه أو إلى ذرّيته لا يصدق عليه عنوان اللقطة لعدم الضياع، ولكن يصدق عليه عنوان مجهول المالك.
وهكذا الحال في أحوال الدولة والبنوك، فإنّها ليست لقطة لعدم الضياع فيها، ولكنّها مجهولة المالك.
هذا ما تفترق به اللقطة عن مجهول المالك موضوعاً.
وأما الفارق حكماً فهو أنّ اللُقطة يلزم تعريفها لفترة سنة ثمّ يتخيّر بين التصدّق بها أو البقاء أمانة أو التملك، وهذا بخلافة في مجهول المالك، فإنّ حكمه الفحص إلى حدّ اليأس ثمّ التصدق به عن صاحبه، ولا يتقيد الفحص بالسنة، بل المدار على اليأس.
والمستند في كون حكم مجهول المالك ما ذُكر هو الروايات الخاصة، كصحيحة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام، (رجل كان له على رجل حق ففقده ولا يدري أين يطلبه، ولا يدري حي هو أم ميت، ولا يعرف له وارثاً ولا نسباً ولا ولداً؟ قال: (اطلب). قال: فإنّ ذلك قد طال فأتصدق به؟ قال: ((اطلبه))(٤).
ولو كنّا نحن وهذه الصحيحة فقط لكنّا نحكم بوجوب الطلب فقط، إلاّ أنّ صحيحة يونس بن عبد الرحمن دلّت على وجوب التصدق بعد الفحص واليأس، حيث جاء فيها: سئل أبو الحسن الرضا ـ عليه السلام ـ وأنا حاضر… رفيق كان لنا بمكة فرحل منها إلى منزله ورحلنا إلى منازلنا، فلما أن صرنا في الطريق أصبنا بعض متاعه معنا، فأيّ شيء نصنع به؟ قال: تحملونه حتى تحملوه إلى الكوفة). قال: لسنا نعرفه ولا نعرف بلده ولا نعرف كيف نصنع، قال: ((إذا كان كذا فبعه وتصدّق بثمنه)). قال له: على مَن جُعلت فداك؟ قال: ((على أهل الولاية))(٥).
وعليه فلأجل الصحيحة المذكور يلزم الفحص وتقييد الصحيحة الاُولى.
ويؤكد ذلك أنّ الفحص المستمر وإلى الأبد قضيته غير محتملة إذ تلزم منه اللغوية أحياناً.

(١) لاحظ كتاب المكاسب ١٥: ١٨٥ طبع لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم.
(٢) بضمّ اللام وفتح القاف وإسكانها. وقد نقل في الجواهر ٣٨: ١٤٥ الخلاف بين أهل اللغة في لزوم التحريك وعدمه، وانتهى هو ـ قدّس سرّه ـ إلى جواز الوجهين.
(٣) جواهر الكلام ٣٨: ٢٧٢.
(٤) وسائل الشيعة ٢٦: ٢٩٧ أبواب ميراث الخنثى ،ب ٦، ح٢. وقد رواها الشيخ الكليني وغيره بسند ينتهي إلى يونس عن أبي ثابت وابن عون عن معاوية بن وهب. والسند المذكور ضعيف؛ لأنّ أبا ثابت وابن عون مجهولان، ولكن الرواية نفسها قد رواها الحرُّ العاملي في كتاب الدَين عن الشيخ الطوسي بإسناده عن أحمد بن محمد عن حمّاد بن عيسى عن معاوية بن وهب، فلاحظ الوسائل ١٨: ٣٦٢ أبواب الدَين والقرض ب٢٢، ح٢. والطريق المذكور صحيح.
(٥) وسائل الشيعة ٢٥: ٤٥٠ أبواب اللُقطة ب٧، ح٢.