إطلالة على كتاب الكافي الشريف
الشيخ أمين ترمس*
إن المشهور بين العلماء أن أدلة الأحكام هي أربعة: الكتاب، والسنة، والعقل، والإجماع، إلا أن المتأمل بعين الإنصاف يعلم أن العمدة في إثبات الحلال والحرام، والفرائض والسنن، هو الحديث الشريف.
ومن هنا كان حرص النبي (صلى الله عليه وآله) على تدوين الحديث، وحثّ أصحابه على جمعه والاعتناء به، فقد روي عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (اكتبوا هذا العلم) (١)،و(قيدوا العلم بالكتاب)(٢)، ونحو ذلك كثير، وبُعيد انتقال النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) إلى الرفيق الأعلى، مُنع تدوين الحديث بشكل رسمي من قِبل مَن وضعوا أنفسهم في مكانٍ ليس لهم، ولأغراض معروفة، ولكنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ومَن كان حوله لم يصغوا لهذا المنع، بل في قبال ذلك جاهر أمير المؤمنين (عليه السلام) مؤكدًا على ما أمر به رسول الله (صلى الله عليه وآله)، واستمر المخلصون بالتدوين والكتابة غير آبهين بقرارات السلطة، فخرج نتيجة ذلك إلى الملأ عدّة مصنفات، وانتشرت بين الناس، ومرّت هذه المسيرة بمراحل صعبة، إلى أن اتّسعت وتطورت، فكُتب في زمن الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) فقط آلاف الكتب والرسائل، وفي شتى حقول العلم والمعرفة، وكان للعلوم الشرعية الحظ الأوفر من بينها، فبرزت جملة من تلك الكتب عُرفت فيما بعد بالأصول الأربعمائة، وهي أربعمائة مصنَّف لأربعمائة مصنِّف، وقد صرّح الحر العاملي في خاتمة كتابه الوسائل: أنه أحصى تلك الكتب التي دوّنت في عصر الأئمة (عليهم السلام) فزادت على ستة آلاف وستمائة كتاب(٣).
فمن هنا نقف على أهمية الدور الذي قام به أصحاب الكتب الأربعة -"الكافي" للشيخ