عاتب أخاك بالإحسان إليه، واردد شره بالإنعام عليه. ( نهج البلاغة ٤: ٤١)      الطمع رق مؤبد. ( نهج البلاغة ٤: ٤٢)        من أكثر أهجر، ومن تفكر أبصر. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)        العقل حفظ التجارب، وخير ما جرّبت ما وعظك. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢ـ ٥٣)      خاطر من استغنى برأيه. ( نهج البلاغة ٤: ٤٨)      
البحوث > المتفرقة > أضواء خاطفة على طبيعة الخط العربي ونشوئه وتطوره الصفحة

أضواء خاطفة على طبيعة الخط العربي ونشوئه وتطوّره
د. محمد إسماعيل بغدادي
تُعدُّ كتابة الخط من الفنون الصعبة التي هي بحاجة شديدة إلى المهارة الفائقة والموهبة والدراسة والتحصيل والممارسة والتدريب، ولذلك فالخطّاط الماهر يحتاج إلى ساعاتِ عمل طويلة يوميًا لتجويد خطّه، وتحسين مستوى أدائه الفني، لدرجة أنه لا يستطيع أن يتوقّف يومًا واحدًا عن مزاولة مهنته المحبّبة إلى نفسه، وهو في كل يوم ، بل في كل لحظة تخطر في باله بعض الأقوال والعبارات أو أبيات من الشعر أو ما عداها ، فيرغب في كتابتها والاجتهاد في إنجاز أدائها الفنّي على أكمل وجه.
وتروي كتب التاريخ والفنّ، رواية مشهورة، عن الخطّاط التركي الحافظ عثمان -الذي كتب المصحف الشريف عدة مرات متتالية قوله في هذا الصدد: "لو عُرِضَت عليَّ الخطوط المختلفة التي أكتبها طوال الأسبوع، لعرفت بحاستي الفنّية من بينها خطوط يوم السبت، لأنها تكون أقلّ مرونة من خطوط بقية أيام الأسبوع بسبب توقفي عن الكتابة يوم الجمعة".
وهذا يصوِّر مدى إجادته حذق هذا الفن والمهارة الفائقة في معرفة الفروق بين الخطوط، والأوقات التي تتم فيها عملية الولادة الفنيّة.
الخطّ العربي فنّ من الفنون الجميلة، بَرَع فيه أجدادنا، زينّوا بلوحاته جدران منازلهم وقصورهم، فضلاً عن جدران المساجد، فأسبغوا عليها روعة وجمالاً.
ولقد عبّر الخط العربي خلال مساره الطويل عن ملامح الحضارة العربية والإسلامية، فكان كالكائن الحيّ ينمو ويترعرع ويتجدّد باستمرار.

طبيعة هذا الخط
الخطّ عِلم، لأنه يعتمد على أصول ثابتة وقواعد دقيقة، تستند إلى موازين وضعها الأقدمون.
والخطّ فنّ، لأن محوره الجمال في التعبير، يتوخّاه ويهدف إليه، كما يتطلّب استعدادًا فنيًَا، يقوم على دقة الملاحظة والانتباه والقدرة على المحاكاة، وهي أمور صميمية في الفنّ، ومما يلاحظ أن التعبير في هذا الفنّ يختلف من خطّاط لآخر، حتى أنه يختلف عند الخطّاط الواحد من فترة لأخرى، نظرًا لتغيّر الانطباعات النفسية والمشاعر.
والخطّ فلسفة ، لأنه لكل نوع من أنواعه فلسفة خاصة، عبّرت عن فلسفة مجتمعها وطبيعته، ففي الخط الكوفي -الذي كان يُكتب به في العصر الجاهلي- نلاحظ خطوطًا مستقيمة وقاسية، عبّرت عن قسوة الحياة الجاهلية القديمة.