خذ على عدوك بالفضل فإنّه أحلى الظفرين. ( نهج البلاغة ٣: ٥٤)      كن سمحاً ولا تكن مبذراً، وكن مقدراً ولا تكن مقتراً. ( نهج البلاغة ٤: ١٠)      الحكمة ضالة المؤمن، فخذ الحكمة ولو من أهل النفاق. ( نهج البلاغة ٤: ١٨)      الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر. ( نهج البلاغة ٤: ٧٩)        أخلص في المسألة لربّك فإن بيده العطاء والحرمان. ( نهج البلاغة ٣: ٣٩)      
الحوزة > دخالة العقل في الدلالة على الحكم الشرعي الصفحة

دخالة العقل في الدلالة على الحكم الشرعي
الشيخ مفيد الفقيه*
بعد إيماننا بالله - تعالى - وبشريعته وصلاحها، وجب علينا بحكم العقل إطاعته - سبحانه - بتطبيق أحكام هذه الشريعة، لأن الله - تعالى - العالم بكل شيء وبجميع المصالح والمفاسد قد وضع أحكامًا لكل أفعال الإنسان على طِبْق الملاكات والمصالح التي يعلمها، ولذلك لا يمكن افتراض خلوّ واقعةٍ أو فعلٍ من أفعال الإنسان عن حُكْم من قِبَل الشارع، إما بنحو النص وإما بالقواعد العامّة المنطبقة على مواردها، اقتضاءً أو تخييرًا.
وحيث إن هذه الأحكام لم تكن كلّها واضحةً بالنسبة إلينا وضوحًا بديهيًا، للبُعْد عن عصر النصوص من جهة، ولكثرة الدسّ والاختلاف من جهة أخرى، كان لا بد من اتّباع طريق لرَفْع الغموض عن الموقف العملي للإنسان، وهو [علم الفقه] الذي يحدّد الوظيفة العملية للمكلف بالدليل، إما بتعيين الحكم الشرعي بالدليل المحرز له من الكتاب والسنّة، وإما بتعيين الوظيفة العملية بعد غيابِ العلم بالحكم الشرعي، والشكِ فيه مع تعذّر رَفْع هذا الشك بدليل قطعي، والذي يحدد الوظيفة يسمى ب[الأصول العملية]، وهي أيضًا مأخوذة من الأدلة الشرعية.
وهناك قواعد عامّة يحتاجها الفقيه في علم الفقه، تساعد في عمليات الاستنباط بشكل أساسي، ولا بد من دراستها في علم الأصول، مثل حجيّة خبر الواحد، والإجماع، وحجية الظواهر، وحجيّة الدليل العقلي، ومقدار الحجية في كل من هذه الأدلة وموارد تطبيقها، والتعارض فيما بينها.
وبدون معرفة هذه القواعد لا يمكن التوصّل بواسطة النصوص إلى نفس الحكم الشرعي، ولا إلى نفس الوظيفة العملية، لأن علم الأصول بالنسبة لعلم الفقه كعلم المنطق بالنسبة لسائر العلوم، حيث يستخدم لتنظيم عملية التفكير في استنباط الأحكام.

* آية الله الشيخ مفيد الفقيه مؤسّس جامعة النجف الأشرف للعلوم الدينية في جبل عامل .