من أقر بالذل طائعاً فليس منا أهل البيت
*الشيخ فؤاد كاظم المقدادي
إن من صفات اللّه عزّ وجل واسمائه الحسنى العزيز ، وهو الممتنع الذي لا يغلبه شيء ، ومن أسمائه تعالى ذكره المعزّ ، وهو الذي يهب العزّ لمن يشاء من عباده(١) . وقد أمر اللّه تعالى الانسان بأن يتخلق بأخلاقه سبحانه ، ويتجلى بأسمائه (الحسنى) ، ويُجاهد لاكتساب صفاته الكمالية ، كلٌّ بحسبه ، وفطره على ذلك : (فطرة اللّه التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق اللّه)(٢) . ومن تلك الصفات الكمالية العزّة ، وهو قوله تعالى : (من كان يريدُ العزّة فللّه العزة جميعاً)(٣) .
ولقد انشطرت مسيرة البشرية إلى شطرين في هذا السبيل : شطر آمن بأن العزّة والنصر للّه ومن اللّه سبحانه ، ونادى بقوله تعالى : (وللّه العزّة ولرسوله وللمؤمنين)(٤) ، وقد قاد هذا الشطر من البشرية الانبياء والأولياء(عليهم السلام) ، وكان خاتمهم محمد(صلى الله عليه وآله) ، وواصل أهل بيته(عليهم السلام) هذه القيادة من بعده ، وشطر آمن بان العزّة والنصر لطواغيت الأرض ومنهم ، ونادى بما حكى عنه القرآن الكريم في قوله تعالى : (واتخذوا من دون اللّه آلهة ليكونوا لهم عزاً)(٥) ، وقوله تعالى : (وقالوا بعزّة فرعون إنا لنحن الغالبون)(٦) .
والذي يتصفح التاريخ الصادق الذي يسرد لنا معالم المسيرة البشرية بشطريها الالهي والطاغوتي ، يدرك أن من اعتقد أن العزّة والنصر لطواغيت الأرض ، وسعى لاكتسابهما منهم ، كان سعيه (كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً)(٧) ، ووجد أنهم لم يحصدوا من سعيهم هذا إلاّ الذّلة والخسران المبين ، وقد وصفهم اللّه تعالى في كتابه الكريم بقوله : (ضربت عليهم الذّلة والمسكنة وباؤوا بغضب من اللّه)(٨) ، وقوله سبحانه : (ضربت عليهم الذّلة أينما ثُقفوا إلاّ بحبل من اللّه وحبل من الناس)(٩) .
وبذلك نجد المصداق المطلق والدليل الواقعي على صدق السنّة الالهية التي صدع بها القرآن الكريم