أوضع العلم ما وقف على اللسان، وأرفعه ما ظهر في الجوارح والأركان. ( نهج البلاغة ٤: ٢٠)      من أصلح أمر آخرته أصلح الله له أمر دنياه. ( نهج البلاغة ٤: ٢٠)        لن لمن غالظك فإنّه يوشك أن يلين لك. ( نهج البلاغة ٣: ٥٤)        لا خير في علم لا ينفع. ( نهج البلاغة ٣: ٤٠)        اليسير من الله سبحانه أعظم وأكرم من الكثير من خلقه وإن كان كلٌّ منه. ( نهج البلاغة ٣: ٥١)      
البحوث > المتفرقة > الاقليات المسلمة في الغرب من العزلة الى الاندماج الفاعل الصفحة

الأقليات المسلمة في الغرب من العزلة إلى الاندماج الفاعل
غالب حسن*
تتصاعد الحاجة الى طرح نموذج اسلام اوربي ليس لقدم المسلمين وتزايدهم المطرد في هذه القارة وحسب، بل لضرورات تتصل بالقضايا الكبرى التي تهم الذكاء الانساني في هذه الأيام، فهناك دعوة جادة لتعميق الحوار بين الأيان، فعلى حد تعبير العلامة هانس كنغ في كتابه القيم «مشروع لاخلاق عالمية»: لا سلام عالمياً بلا سلام بين الاديان، ولا سلام بين الأديان بلا حوار بين الأديان، ولا حوار بين الأديان بلا دراسات جادة وأبحاث موضوعية. كما ان هناك رغبة عالمية صادقة وملحة لصياغة انسان جديد يؤمن بالتنوع الثقافي ويدعو الى الموازنة بين الروح والمادة، لمواجهة أمراض التكنولوجيا، وفي مقدمتها الغاء الهوية، وتفتيت وحدة الكيان الانساني، وتمزيق الطبيعة وتعميق الفروق الطبقية بين الناس والشعوب والأوطان، وتتأكد هذه الحاجة مع تعالي الصيحات التي تدعو الى توكيد بل الى تأسيس ثقافة التسامح التي تتوقف بدورها على الاعتراف بثقافة الآخر، والتخلي عن كثير من المفاهيم الخطيرة والتي لا تستند الى أي مبرر علمي، مثل مفهوم المركز والأطراف، ومفهوم عقل ما قبل المنطق الذي يدّعي كثير من المفكرين الغربيين بأنه نوع من التفكير المرتبك، يتحكم بكل عقل لا ينتسب الى دائرة المجتمع الغربي، كذلك تلك الصورة الغريبة التي كونها الفيلسوف الفرنسي رينان، حيث يرى بموجبها ان العقل الشرقي لم يألف التفكير التحليلي ولم يقدر على المقارنة والموازنة، فضلاً عن تلك الصور السطحية التي تصور العرب والمسلمين مجرد طلاب لذة رخيصة، وانهم مخلوقات متوحشة ضارية، لا تمتلك أي حس جمالي وذوقي، أميون لا يعرفون حتى القراءة والكتابة!
ان ايجاد صيغة اسلامية أوربية حاجة ضرورية لنا نحن كمسلمين ايضاً، لأننا نريد ان نسهم في بناء أوربا الجديدة، من اجل خلق مستقبل أوربي افضل يعمل على تسييد السلام العالمي وتحرير الشعوب من الخوف وتعميق الاحساس بالديموقراطية، اننا مواطنون أوربيون ونريد ان نعمل على خدمة الوطن انطلاقاً من مملكة الضمير الذي يؤمن بالقيم الروحية التي استلهمناها من الاسلام، وليس بوحي من منطق المادة فقط.
اننا مسلمون أوربيون نريد ان نبني ونخدم عبر شخصية واضحة المعالم، تحمل انتماءها الوطني والديني والقارئ في آن واحد، فالشخصية المبهمة الغامضة الفاقدة للهوية لا تستطيع ان تقدم شيئاً رائعاً، فالمسلم في اوربا ينبغي ان يكون واضحاً،

* باحث اسلامي - السويد.