إياك ومصادقة الكذاب فإنّه كالسراب يقرب عليك البعيد ويبعد عليك القريب. ( نهج البلاغة ٤: ١١)        خض الغمرات للحق حيث كان. ( نهج البلاغة ٣: ٣٩)        أخلص في المسألة لربّك فإن بيده العطاء والحرمان. ( نهج البلاغة ٣: ٣٩)      إياك والإعجاب بنفسك والثقة بما يعجبك منها وحب الإطراء. ( نهج البلاغة ٣: ١٠٨)      من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه. ( نهج البلاغة ٤: ٣)      
البحوث > المتفرقة > إطلاقة على المسار التطو ري لعلم الكلام الصفحة

اطلالة على المسار التطوري لعلم الكلام(*)
علي أوجبي(**)
معظم السجالات السائدة اليوم في أوساطنا الفكرية حول ما يسمى ((علم الكلام الجديد))، هي في الواقع قضايا وشبهات أطلقها الفلاسفة وعلماء الطبيعة الغربيون منذ عصر النهضة (ronesance) والى يومنا هذا، وكانوا يقصدون بطرحها غالبا معارضة الدين أو إلغاءَه أو هدم المعتقدات الميتافيزيقية والتصورات الماورائية (metaphysiad) التي كان لها السطوة والسيادة في العالم الغربي آنذاك. وقد دفعت هذه الإطلاقات التشكيكية المتكلمين والمتألهين (theologian) المسيحيين الى نحت اجابات وردود متنوعة لدحضها.
ولكن خلافاً لما يتصوره البعض، لم تكن هذه التسمية ((علم الكلام الجديد)) في بلادنا، معادلاً لمفردة غربية، أو ترجمة لاصطلاح أوروبي موجود. وانما نحتها مفكرونا، وشاعت في الأوساط الثقافية خلال العقد الأخير. ولا يمكن التماس أثر لها في كتابات وأحاديث المفكرين قبل ذلك.
في البدء، لا بأس أن نمهد للموضوع، بمقدمة حول مبادئ علم الكلام، ونقصد هنا علم الكلام التقليدي الذي يأتي عادة في مقابل علم الكلام الجديد، محاولين بهذا التمهيد التوفر على وعي صحيح للمفردة المنظورة.

مناهج تعريف العلوم
يصنف علماء المنطق التعريف الى اربعة أقسام؛ الحد التام، والحد الناقص، والرسم التام، والرسم الناقص. بيد أن هذا التصنيف يختص بالأمور ذات الماهية المعينة. وبتعبير آخر فإن هذا التقسيم مسبوق بافتراض أن المراد تعريفه شيء له ماهية معينة، أي أنه من المقولات الماهوية. ففي كل التعاريف المنطقية، لابد من وجود الحد الأدنى من الأجزاء الماهوية للمُعرَّف (الجنس والفصل). لذلك لا مندوحة من استخدام مناهج وأساليب أخرى لتعريف الظواهر غير الماهوية كالعلوم والمعارف.
وبما أن مسائل العلم هي التي تشكل هيكليته وكيانه، ومسائل العلم هي في الواقع مجموعة القضايا التي تتناول الأعراض والأحوال الذاتية لموضوع العلم، لذا فإن أفضل تعريف يمكن تقريره لعلمٍ ما، هو الذي يُذكر فيه موضوع ذلك العلم؛ لأن مثل هذا التعريف يكشف عن حقيقة العلم المراد تعريفه، ويميّزه عن باقي العلوم.

(*) ترجمة: حيدر نجف.
(**) باحث اسلامي من ايران.