خالطوا الناس مخالطة إن متم بكوا عليكم وإن عشتم حنّوا إليكم. ( نهج البلاغة ٤: ٣)      لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ( نهج البلاغة ٤: ٤١)      من أصلح أمر آخرته أصلح الله له أمر دنياه. ( نهج البلاغة ٤: ٢٠)      كن في الفتنة كابن اللبون لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب. ( نهج البلاغة ٤: ٣)      كن سمحاً ولا تكن مبذراً، وكن مقدراً ولا تكن مقتراً. ( نهج البلاغة ٤: ١٠)      
البحوث > المتفرقة > حقائق عن التصوف الصفحة

حقائق عن التصوف
* السيد كاظم الحائري
إننا لا نستبعد أن يكون انتماء الكثير من غير اتباع اهل البيت(عليهم السلام) إلى مسلك التصوّف نتيجة لتعطّشهم إلى الجانب الروحي ، وعدم امتلاكهم للمعين الصافي للقضايا الروحية الذي كان اتباع اهل البيت(عليهم السلام) يمتلكونه ، وهو معين أئمتهم(عليهم السلام) ، ولذا قد لا ترى بلحاظ عصر حضور الأئمة أيّ رواج لسلك التصوّف لدى الشيعة ، وإنما بدأ ذلك ببداية عصر الغيبة ، وأظن أن أوّل شيعي أو متشيّع أظهر هذا الأمر وبدأ يدعو الناس إليه هو حسين بن منصور الحلاّج ، حيث يعدّه المتصوفون من أنفسهم ، وكان اضافة إلى هذه الحالة يدّعي البابية للامام صاحب الزمان عجل اللّه فرجه ، على ما رواه الشيخ الطوسي(رحمه الله) في كتاب الغيبة بسنده إلى الحسين بن علي بن الحسين أخي الشيخ الصدوق(رحمه الله) ، من أن حسين بن منصور الحلاّج كتب رسالة إلى قرابة أبي الحسن والد الصدوق يستدعيه ويستدعي ابا الحسن أيضاً ، ويقول : « أنا رسول الامام ووكيله » . قال : « فلما وقعت المكاتبة في يد أبي رضي اللّه عنه، خرقها وقال لموصلها : ما أفرغك للجهالات ... »(١) .
ولعل أول من سُمّي باسم التصوف أو من اوائلهم حسن البصري المولود سنة (٢٢ هـ ) والمتوفّى سنة (١١٠ هـ ) وقال الشيخ المطهري(رحمه الله) إن الحسن البصري لم يكن يسمّى في عصره صوفياً ، وإنما سمّي بعد ذلك بهذا الاسم ، أولاً بسبب كتاب الّفه باسم رعاية حقوق اللّه ، الذي يمكن أن يفترض أول كتاب للتصوف ، وثانياً بسبب أن العرفاء ينهون بعض سلاسل طريقتهم إليه ، ومنه إلى امير المؤمنين(عليه السلام) ، من قبيل سلسلة مشايخ أبي سعيد أبي الخير(٢) .
أقول : وبهذه المناسبة اذكر بعض ما ورد في رواياتنا عن اهل البيت(عليهم السلام) بشأن حسن البصري:
١ ـ عن عبد اللّه بن سليمان قال : « سمعت أبا جعفر(عليه السلام) وعنده رجل من اهل البصرة وهو يقول : إن الحسن البصري يزعم أن الذين يكتمون العلم تؤذي ريح بطونهم اهل النار ، فقال أبو جعفر(عليه السلام) : فهلك اذن مؤمن آل فرعون . مازال العلم مكتوماً منذ بعث اللّه نوحاً ، فليذهب الحسن يميناً وشمالاً ، فو اللّه ما يوجد العلم إلاّ ههنا »(٣) .
٢ ـ روي أن علي بن الحسين(عليه السلام) رأى يوماً الحسن البصري وهو يقصّ عند الحجر الاسود ، فقال له(عليه السلام) : « أترضى يا حسن نفسك للموت ؟ قال : لا . قال : فعملك للحساب ؟ قال : لا . قال : فثم دار للعمل غير هذه الدار ؟ قال : لا . قال : فللّه في ارضه معاذ غير هذا البيت ؟ قال : لا . قال : فلِمَ تشغل الناس عن الطواف ؟ »(٤) .

(١) راجع البحار ٥١ : ٣٧٠.
(٢) خدمات متقابل اسلام وايران: ٦٤٤ ـ ٦٤٥، انتشارات صدرا، الطبعة الثامنة.
(٣) الوسائل ١٨ : ٨ ب٣ من صفات القاضي، ح٦.
(٤) البحار ٧٨ : ١٥٣، ح ١٧.