الوفاء لأهل الغدر غدر عند الله، والغدر بأهل الغدر وفاء عند الله. ( نهج البلاغة ٤: ٥٧)      خاطر من استغنى برأيه. ( نهج البلاغة ٤: ٤٨)      سل عن الرفيق قبل الطريق، وعن الجار قبل الدار: نهج البلاغة ٣: ٥٦)        الإعجاب ضد الصواب وآفة الألباب. ( نهج البلاغة ٣: ٤٦)      بكثرة الصمت تكون الهيبة. ( نهج البلاغة ٤: ٥٠)      
الحوزة > لماذا إحياء التراث العلمي؟ الصفحة

لماذا إحياء التراث العلمي؟
عبد الأمير المؤمن
تُثار في أحيان كثيرة إشكالية تتعلق بطبيعة جزء محدد من التراث الإسلامي، شاع في بداية هذا القرن، ذلك هو (التراث العلمي الإسلامي) التراث الذي كان مهملاً، غارقاً في الغبار فترة طويلة من الزمن، في عالمنا الإسلامي.
فقبلنا، قبل صحوتنا الثقافية، احتاج إليه العالم الغربي ليبني فوقه حضارته العلمية الراهنة، أخذ يتتبع ما توافر له منه، في بلاد الأندلس وصقلية وجنوب ايطاليا، بل وجاء إلى الشرق الإسلامي فاغراً فاه، فأخذ ونهب ما استطاع أن يأخذ وينهب بطرق وأساليب مختلفة، ووضعه ضمن بنائه التحتي وأسسه التي أقام عليها حضارته المادية المعاصرة.
وانتبه العرب والمسلمون إلى ما نشره الغربيون والمستشرقون من هذا التراث، فأخذوا يتتبعونه وينشئون المؤسسات والمراكز والمعاهد اللازمة لذلك. وبدأت حركة إحياء جديدة، سميت (حركة إحياء التراث العلمي) وهي في أساسها تقع ضمن حركة إحياء التراث الإسلامي العامة.
ولكن لماذا إحياء التراث العلمي، وقد تقادم الزمن على مادته، وهي مادة سريعة العطب، لماذا وهو تراث (ميت) في غالبه، في ظل عصر علمي وتكنولوجي صارم، قطع فيه العلم والتكنولوجيا شوطاً بعيداً في التقدم؟ ان كلمة (إحياء) تعني أنّ هناك ميتاً ... فلماذا إحياء الميت، والإحياء كثيرون، والمادة الحية تجري في عالمنا مجرى الدم في العروق؟
التراث والتراث العلمي
التراث كلمة معروفة في التاريخ الحضاري الإسلامي، موجودة في مصادر اللغة، المراجع الحضارية العامة الأخرى، حالها حال مشتقات الأصل اللغوي، ميراث، ارث، وراثة، وروث، وما إلى ذلك.
ومعاني هذه المشتقات واحدة، مع تغيير طفيف يحدده سياق الجملة أو الفقرة. يذكر الفيومي في مصباحه المنير: (ورث مال أبيه، ثم قيل ورث أباه مالاً (يرثه) (وراثة) أيضاً والتُراث بالضم و (الارث) كذلك، والثاء والهمزة بدل الواو)(١).
ولم يقصر اللغويون كلمة (التراث) على انتقال الأمور المادية من السلف إلى الخلف، وإنما شملت هذه الكلمة، اضافة إلى الأمور المادية، انتقال الأمور المعنوية كالمجد والعظمة والضعة والمرض، يقال ورث المجد وغيره، ويقال ورث أباه ماله ومجده (٢).

(١) الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير، قم، اوفست دار الهجرة، ص ٦٥٤.
(٢) ابن منظور، أبو الفضل محمد بن مكرم، لسان العرب، مادة ورث، دار صادر، بيروت.