اجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك. ( نهج البلاغة ٣: ٤٥)      إذا بخل الغني بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه. ( نهج البلاغة ٤: ٨٨ )       رب قريب أبعد من بعيد، ورب بعيد أقرب من قريب. ( نهج البلاغة ٣: ٥٥)      من كتم سره كانت الخيرة بيده. ( نهج البلاغة ٤: ٤١)      لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ( نهج البلاغة ٤: ٤١)      
البحوث > المتفرقة > النظريات الإسلامية في شرعية السلطة السياسية الصفحة

النظريات الإسلامية في شرعية السلطة السياسية
السيد كامل الهاشمي
منذ ان مارس المسلمون السلطة والى الآن ظهرت عدة نظريات لتفسير شرعية تلك السلطة في ضوء المتبنيات العقائدية والثوابت الشرعية، ويمكننا هنا أن نلخص أهم النظريات السياسية الإسلامية حول مصدر شرعية سلطة الحاكم السياسي في النظريات التالية:
أولا ـ نظرية الانتخاب (البيعة)
ترى هذه النظرية أن شرعية الحكم والسلطة السياسية تأتي من كون الحاكم منتخباً من قبل الأمة، إما بشكل مباشر، أو عن طريق انتخاب جماعة معينة من الأمة له. فقد ذهب علماء السنة إلى أن الانتخاب أو ما عرف بالبيعة هو طريق لشرعية حكم الحاكم السياسي وتثبت من خلاله ولايته لأمور المسلمين. وقد عرّف ابن خلدون في مقدمته (البيعة) قائلا: (اعلم أن البيعة هي العهد على الطاعة، كأن المُبايِع يعاهد أميره على أنّه يسلم له النظر في أمر  نفسه وأمور المسلمين، لا ينازعه في شيء من  ذلك، ويطيعه في ما يكلفه به من الأمر على  المنشِّط والمكرِّه.وكانوا إذا بايعوا الأمير  وعقدوا عهده جعلوا أيديهم في يده تأكيداً للعهد، فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري، فسمي بيعة مصدر باع وصارت البيعة مصافحة بالأيدي. هذا مدلولها في عرف اللغة ومعهود الشرع)(١).
وتحدث الماوردي في الأحكام السلطانية عن البيعة قائلا: (فإذا اجتمع أهل العقد والحل للاختيار تصفحوا أحوال أهل الإمامة الموجودة فيهم شروطها، فقدموا للبيعة منهم أكثرهم فضلا وأكملهم شروطاً ومن يسرع الناس إلى طاعته ولا يتوقفون عن بيعته، فإذا تعين لهم من بين الجماعة من أداهم الإجتهاد إلى اختياره عرضوها عليه، فإن أجاب إليها بايعوه عليها وانعقدت ببيعتهم له الإمامة، فلزم كافة الامة الدخول في بيعته والانقياد لطاعته، وإن امتنع من الإمامة ولم يجب إليها لم يجبر عليها، لأنها عقد مراضاة واختيار ولا يدخله إكراه ولا إجبار، وعدل عنه إلى من سواه من مستحقيها)(٢).
ومن الواضح أن هذه النظرية لا يمكن الإدعاء بأنها نتاج إسلامي خالص، وذلك لأن واقع المجتمعات الإسلامية لم يعرف طوال تاريخه السياسي الماضي شيئاً من هذا القبيل بالمعنى الذي تتمثله اليوم العمليات الإنتخابية الحرة والعامة، والتي تشارك الأمة فيها بكل طواعية وبكل حرية في انتخاب وتعيين حاكمها السياسي، وهو النموذج الذي أفرزته تجارب الديموقراطية في العالم الغربي. ومن الواضح أن هذه التجارب لم تقع في العالم الإسلامي وليست هي نتاج الفكر السياسي الإسلامي.

(١) ابن خلدون:المقدمة، بيروت، دار الجيل، ص ٢٣١.
(٢) الماوردي، الأحكام السلطانية، قم، ص٧.