لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرّاً. ( نهج البلاغة ٣: ٥١)      الثناء بأكثر من الاستحقاق ملق. ( نهج البلاغة ٤: ٩١)      أكبر العيب ما تعيب ما فيك مثله. ( نهج البلاغة ٤: ٨٢ )      اللسان سبع إن خلي عنه عقر. ( نهج البلاغة ٤: ١٥)        قارن أهل الخير تكن منهم، وباين أهل الشر تبن عنهم. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)      
البحوث > المتفرقة > السيدة الزهراء الذكرى والخلود الصفحة

السيدة الزهراء.. الذكرى والخلود
الشيخ حسين علي المصطفى
بسم الله الرحمن الرحيم
عندما يريد شخص أن يتحدث عن عظمة شخصية الزهراء ـ عليها السلام ـ وأصالة مخزونها الفكري والاجتماعي والروحي فعليه أن يسبر ذلك الكم الكبير من الروايات التي تناولت الحديث عن فضائلها ومكارمها وعرفانها وما احتوته من جلالة وعظمة عند الله سبحانه وتعالى وأوليائه الكرام صلوات الله عليهم، ويكفي أن نطالع كتاباً ككتاب (عوالم العلوم) للمحقق الشيخ عبد الله النوري البحراني لنقف على ما يقرب من ثمانمائة حديث وخبر وأثر عن السيّدة الزهراء ـ عليها السلام ـ في جزئه الأوّل؛ لندرك صعوبة الوقوف على تحليل واستخلاص المواقف العملية الهادفة لهذه السيّدة الجليلة عليها السلام.
ويكفيها في علو منزلتها، وسمو مكانتها ما كتبه الإمام المهدي ـ عليه السلام ـ إلى الشيعة الذين شكّوا في ولادته ووجوده، حيث قال ـ عليه السلام ـ: ((ولولا ما عندنا من محبة صلاحكم ورحمتكم والإشفاق عليكم لكنّا عن مخاطبتكم في شغل ممّا قد امتحنا به من منازعة الظالم ـ إلى أن يقول: ـ وفي ابنة رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لي أُسوة حسنة))(١).
وفي هذا المقطع الخصب يقف الإنسان أمام ثلاث رؤى:
الاُولى: أنّ الإمام المهدي ـ عليه السلام ـ وما يكابده من محن الاغتراب، ولوعة الانتظار، وما فيهما من آثار سلبية على الشيعة من تشكيك ويأس وتساؤل، كلّ ذلك لم تتبلور أمام ما وصلت إليه الزهراء ـ عليها السلام ـ من ظلم ومحنة، بحيث أصبحت هذه المحنة وهذا الظلم اُسوة لأهل البيت ـ عليهم السلام ـ في ابتلائهم ومصائبهم.
الثانية: يستطيع الإنسان بإقتدائه للزهراء ـ عليها السلام ـ أن يصل إلى النموذج الصالح للمسلم في كلّ مجالات الحياة مادية كانت أو معنوية، بسبب ما تلبسه من صبر الزهراء ـ عليها السلام ـ واستقامتها وصمودها ودرايتها وإخلاصها وعدم خضوعها أمام الصعاب والمشاكل..
الثالثة: أننا لا نستطيع أن نفصل في الحاجة إلى القدوة بين المرأة والرجل.. فالمرأة عندما تختزن حيوية الفكرة الكبيرة في داخل شخصيتها، فإنّها لا تنطلق من خلال شخصيتها كامرأة، ولكن من شخصيتها كإنسان تشترك مع الرجل في القاعدة العامة التي تنتج الفكر وتنتج الحركة.. فالمرأة النموذج هي الإنسان الذي يمثل قدوة للرجل الذي يمثل القدوة للمرأة والرجل على السواء.

(١) معادن الحكمة في مكاتيب الأئمّة: ٢ : ٢٨٠.