من أشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ومن أشفق من النار أجتنب المحرمات. ( نهج البلاغة ٤: ٧ـ ٨ )      الحدة ضرب من الجنون، لأنّ صاحبها يندم، فإن لم يندم فجنونه مستحكم. ( نهج البلاغة ٤: ٥٦)        من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه. ( نهج البلاغة ٤: ١٠٦)        لا تخاطر بشيء رجاء أكثر منه، وإياك أن تجمح بك مطيّة اللجاج. ( نهج البلاغة ٣: ٥٣)      ربّ قولٍ أنفذ من صول. ( نهج البلاغة ٤: ٩٤)      
البحوث > الرجالية > الشيخ نصير الدين الطوسي وسقوط بغداد الصفحة

الشيخ نصير الدين الطوسي وسقوط بغداد*
السيد علي الميلاني
تمهيد
سألتم عن دور الحكيم الإلهي الشيخ المحقق العظيم الخواجة نصير الدين الطوسي في سقوط بغداد على يد هولاكو. لأنه قد ينسب في بعض الكتب أن للشيخ نصير الدين الطوسي ضلعًا في سقوط بغداد في يد المشركين، وما ترتب على هذه الحادثة من آثار سيئة بالنسبة إلى الإسلام والمسلمين، من قتل النفوس، وتخريب البلاد، والمدارس العلمية، وسائر ما ترتب على هذه الحادثة العظيمة من الآثار السيئة.
افتراء ابن تيمية على الشيخ نصير الدين الطوسي
لعل من أشد الناس تحاملاً على الشيخ نصير الدين الطوسي رحمه الله واتهامًا له في هذه القضية هو ابن تيمية، مما يثير الشك ويدعو إلى البحث عما إذا كان السبب الأصلي للتحامل عليه واتهامه بهذا الأمر هو الاختلاف العقائدي، وما كان للشيخ نصير الدين الطوسي من دور في نشر المذهب الشيعي، ودعمه بالأدلة والبراهين، ولا سيما بتأليفه كتاب تجريد الاعتقاد، والذي أصبح من المتون الأصلية والأولية للتدريس في الحوزات العلمية، ولذا كثرت عليه الشروح والحواشي من علماء الشيعة والسنة، حتى أن كتاب المواقف للقاضي الإيجي، وكتاب المقاصد للسعد التفتازاني، إنما أُلّفا على نسق ما كتبه الخواجة نصير الدين في كتاب التجريد، وإن لم يصرّح باسمه إلا نادرًا، وقد عثرنا على مورد في شرح المقاصد صُرّح فيه باسم الشيخ نصير الدين الطوسي إنما مع التهجم عليه وسبّه.
وأما ابن تيمية، فإنما يتعرّض للخواجة نصير الدين الطوسي بمناسبة أن العلامة الحلي - تلميذ الخواجة - ينقل عن أستاذه استدلالاً لدعم المذهب الشيعي وإثبات عقيدة الإمامية، وهو استدلال مؤسس على حديثين صحيحين واردين في كتب الفريقين، حيث ينقل العلامة رحمه الله عن أستاذه الطوسي أنه سئل عن المذهب الحق بعد رسول الله، فأجاب بأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد أخبر في الحديث المتفق عليه بأن الأمة ستفترق من بعده على ثلاث وسبعين فرقة، وهذا الحديث متفق عليه. قال: فمع كثرة هذه الفرق قال رسول الله: فرقة ناجية والباقي في النار. ثم إن رسول الله عين تلك الفرقة الناجية بقوله: إنما مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا.

* من محاضرة لسماحة العلامة المحقق السيد علي الحسيني الميلاني ، حرّرها فضيلة الشيخ حسين عباس.