أمسك عن طريق إذا خفت ضلالته، فإن الكف عند حيرة الضلال خير من ركوب الأهوال. ( نهج البلاغة ٣: ٣٩)        إسع في كدحك ولا تكن خازناً لغيرك. ( نهج البلاغة ٣: ٤٦)        الحرفة مع العفة خير من الغنى مع الفجور. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)      لا تظنن بكلمة خرجت من أحدٍ سوءاً وأنت تجد لها في الخير محتملاً. ( نهج البلاغة ٤: ٨٤ )      كن سمحاً ولا تكن مبذراً، وكن مقدراً ولا تكن مقتراً. ( نهج البلاغة ٤: ١٠)      
البحوث > القرآنية > تفسير سورة الحمد الصفحة

تفسير سورة الحمد
الاستاذ الشيخ محمود شلتوت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، ملك يوم الدين، إياك نعبد وأياك نستعين، إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
جملتان: تعرف أولاهما في لسان الشرع، وعند المسلمين (بالاستعاذة) وتعرف الثانية (بالبسملة) أو (التسمية).
الاستعاذة:
وقد أمر الله بالاستعاذة عند أول كل قراءة، فقال في سورة النحل المكية: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) وأمر بها في كل موضع يتوجس فيه الإنسان شيئاً من المخاوف أو الوساوس التي تدفع به في مجرى العادة إلى الشر، قال تعالى في سورة الاعراف المكية أيضا: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم) وأمر رسوله على وجه العموم أن يستعيذ به، وأن يلجأ إليه، وأن يتحصن من كل شر (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين، وأعوذ بك رب أن يحضرون). (قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد). (قل أعوذ برب الناس ملك الناس اله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس).
وإنما خصت القراءة بطلب الاستعاذة، مع أنه قد أمر بها على وجه العموم في جميع الشئون، لأن القرآن مصدر الهداية، والشيطان مصدر الضلال، فهو يقف للإنسان بالمرصاد في هذا الشأن على وجه خاص، فيثير أمامه ألواناً من الشكوك فيما يقرأ، وفيما يفيد من قراءته، وفيما يقصد بها، فيفوت عليه الانتفاع بهدى الله وآياته، فعلَّمنا الله ان نتقي ذلك كله بهذه الاستعاذة التي هي في الواقع عنوان صادق، وتعبير حق، عن امتلاء قلب المؤمن بمعنى اللجوء إلى الله، وقوة عزيمته في طرد الوساوس والشكوك واستقبال الهداية، بقلب طاهر، وعقل واع، وإيمان ثابت.
وقد أجمع المسلمون على أن جملة الاستعاذة ليست من نصوص القرآن، وإنما هي تنفيذ لأوامر القرآن التي ذكرناها، وتبعاً لهذا لم يجر خلاف في أنها تقرأ مع الفاتحة في الصلاة أو لا تقرأ على النحو الذي جرى في البسملة.