آفاق تربوية قراءة في النص القرآني
غالب الشابندر(*)
الغفلة في القرآن الكريم
في رحاب اللغة: الغين الفاء واللام اصل صحيح يدل على ترك الشيء سهواً وربما كان عن عمد .. من ذلك غفلت عن الشيء غفلة وغفولاً .. وذلك اذا تركته ساهياً واغفلته اذا تركته على ذكر منك له).
جاء في مفردات الراغب : (الغفلة شيء يعتري الانسان من قلة التحفظ والتيقظ). ويرى صاحب مجمع البيان:
(ان الغفلة والسهو نظائر، ونقيض الغفلة اليقظة، ويذهب الى ان الغفلة تعني (ذهاب المعنى عن النفس)(٢).
ومهما يقال، فان الانسان كثيراً ما يغفل، سواء عن قصد او على نحو عفوي وذلك لسبب من الاسباب (ودّ الذين كفروا لوتغفلون عن اسلحتكم وامتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة)(٣) اي ان هناك قدراً من اللامبالاة، وهناك اكثر من مورد بهذا المعنى في القرآن الكريم. ولكن على الطرف الآخر توجد غفلة من نوع ثان مختلف، مذمومة ومرفوضة يدينها العقل والقرآن، وحديثنا يدور حول هذا الموضوع بالذات.
الكسل العقلي
قال تعالى (.. وان كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون»(٤).
«.. والذين هم عن آياتنا غافلون)(٥).
فسّر الطبرسي الغفلة هنا بـ (عدم التدبّر) وقال ابن كثير انها عدم التفكر والاتعاظ وفي هذا الاتجاه كثير من المفسرين الكبار.. وبطبيعة الحال: ان هذه الغفلة عن اصرار وعلم، والا لم يكن هناك اي مبرر معقول لادانتها بهذه الشدة، وفي ضوء هذه الملاحظة يمكننا القول ان الغفلة في المقام نحو من الكسل العقلي.. اقصد اهمال الفكر في مجالات حيوية ذات تأثير بالغ في تقرير مصير الحياة