اليسير من الله سبحانه أعظم وأكرم من الكثير من خلقه وإن كان كلٌّ منه. ( نهج البلاغة ٣: ٥١)      من رضي برزق الله لم يحزن على ما فاته. ( نهج البلاغة ٤: ٨١ )        خير القول ما نفع. ( نهج البلاغة ٣: ٤٠)      ترك الذنب أهون من طلب التوبة. ( نهج البلاغة ٤: ٤٢)        من أكثر أهجر، ومن تفكر أبصر. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)      
البحوث > الفقهية > العقل والإجتهاد الصفحة

العقل والاجتهاد
يحيى محمد*

المدارس الفقهية وتغييب العقل
ليس بين المذاهب الفقهية من أطلق العقل مصدراً من مصادر الكشف عن التشريع صراحة غير مذهب الامامية الاثني عشرية، وكذا ما ينسب الى بعض المعتزلة والفقهاء. فبحسب استقراء الطوفي تنحصر أدلة الشرع بين العلماء بتسعة عشر باباً القليل منها يتفق عليه، واغلبها موضع اختلاف بين الاخذ والرد، وليس بين هذه الأدلة المطروحة عنوان خاص باسم العقل. فهي عبارة عن : الكتاب والسنة واجماع الامة واجماع أهل المدينة والقياس وقول الصحابي والمصلحة المرسلة والاستصحاب والبراءة الاصلية والعوائد او العادات والاستقراء وسد الذرائع والاستدلال والاستحسان والأخذ بالأخف والعصمة واجماع أهل الكوفة واجماع العترة واجماع الخلفاء الأربعة(١).
وقد يقال ان عنوان العقل ورد ضمن انواع الادلة التي توصل للحق. فمن الناحية التاريخية نجد أن مؤسس المذهب الاعتزالي واصل بن عطاء هو أول من حدد المصادر العامة لطريقة الانتاج المعرفي لكل من علم الكلام والفقه معاً. فكما ينقل عن الجاحظ انه اعتبر هذا المتكلم أول من قال: الحق يعرف من وجوه أربعة: كتاب ناطق، وخبر مجمع عليه وحجة عقل، واجماع من الامة.
«لذلك يقول الجاحظ في حقه»: وكل اصل نجده في أيدي العلماء في الكلام وفي الاحكام فانما هو منه(٢). وقد تصور الاستاذ علي سامي النشار ان الوجوه الاربعة التي ادلى بها واصل بن عطاء هي تساوي حتماً اصول الفقه الاربعة: القرآن والسنة
والقياس والاجماع. مع ان واقع الامر هو ان حجة العقل لا تساوي القياس الفقهي. فمن جهة ان تلك الحجة هي اعم من اعتبار الجانب العقلي او الاجتهادي في الطابع القياسي الفقهي. كما من جهة

* باحث اسلامي - لندن.
(١) الطوفي: رسالة في رعاية المصلحة، نشرت خلف كتاب مصادر التشريع الاسلامي لعبد الوهاب خلاف، دار القلم، ص ١٠٩ ـ ١١٠.
(٢) نشأة الفكر الفلسفي في الاسلام للنشار، ج ١، ص ٣٩٥.