«العقد المفصل»
الجزء الثاني
الحمد لله الذي جعل محمّداً حسن السجايا ، وفضّله على جميع البرايا ، وخصّه من بين العرب بغاية الفصاحة ونهاية الأدب .
وبعد ; فهذا هو الجزء الثاني من الكتاب المرسوم بـ «العقد المفصل» في قبيلة المجد المؤثل ، وهو كسابقه في فصوله وأبوابه ونكات أغرابه وإعجابه ، قد جمع من فنون النظم والنثر ما يزري بعقود الدر ، وحوى من الإستحسانات البديعية والإستظرافات الأدبيّة والنوادر الغريبة والحكايات العجيبة ما يرتاج إليه أهل الأدب ، وتسكن إليه نفوس ذوي الفضل ، والله أسأل أن يقع منهم موقع الإعجاب والإطراب .
الباب التاسع : في قافية الذال وفيها فصل واحد وهو في
الثناء
قلت فيه هذه المقطوعة :
قل لأبي الهادي الذي ما أخذت***بنوا الثنا من الثنا ما أخذا
لله في ثوب الزمان واحد***منك بغير المدح ما تلذّذا
سموت فانحطَّ سواك قائلاً***من طلب الرفعة فليسم كذا
يرقى ذرى العلياء من بحجرها***نشى وفي لبانها المحض اغتذى
ذوفكرة لم ترم في شاكلة***بسهمها إلاّ وفيها نفذا
وذولسان في الخصام لم يزل***أقطع من حدّ حسام شحذا
يسكت لكن بجواب حاضر***يترك أكباد الخصوم فلذا
فاردد أحاديث الصبا إن كنَّ لم***يروين عن شمائل منه الشذا
لا حبّذا إن لم يذعن نشره***وإن أذنَ نشره فحبّذا
كم قد أقام الدهر عن فريسة***من برثن الخطب لها منتقذا
يطرد شيطان العنا عن نفسه***من بسماح كفّه تعوّذا